الرقية:

هي عوذة أي استغاثة بالله عز وجل وبها تتنزل الملائكة كما ذكر تعالى حكاية عن غزوة بدر "إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ (9) وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَىٰ وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ ۚ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (10)"

فالأعراض والآلام الجسدية التي تحصل مع الرقية تحدث بسبب تأثر الشياطين بتنزل الملائكة والجن المسلمين وتعذيب الملائكة للشياطين بفضل رقيتك ودعائك واستغاثتك بالله يرسل لك من جنوده يحاربون من أجلك هذه الشياطين. لذلك يجب أن تتفاءل وتفرح بهذه الآلام ولا تحزن منها. هذه الأعراض تحصل لك بسبب اشتراك ومخالطة الجني معك في جسد واحد، كما جاء في الحديث: "الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم".

دور الجن المسلم في الرقية:

ليس كل الجن أشراراً وشياطين، بل هناك العديد من الجن المسلم كما يوجد العديد من البشر مسلمين. وهؤلاء الجن المسلمون يشتركون مع الملائكة في حرب الشياطين وقت الرقية بأمر من الله تعالى.

مدح القرآن الكريم الجن المسلم في سورة باسمهم وذُكروا فيها مرتان أن فيهم الصالحون:

قال تعالى: ﴿وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا﴾ [سورة الجن: 14]

وقال أيضاً: ﴿وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا﴾ [سورة الجن: 11]

يوجد في الجن المسلم المجاهدون والأطباء، ومنهم الجن الطيار والجن الأرضي والكثير. وهؤلاء يساعدون الإنس وقت الرقية بأمر ربهم، تماماً كما تساعد الملائكة بأمر ربها. وهذا مصداق حديث رسول الله "الأرواح جنود مجندة" وهناك أرواح أخرى تساعد البشر بخلاف الجن والملائكة وما يعلم جنود ربك إلا هو

وقد ألمح ابن القيم رحمه الله إلى هذا الأمر في كتابه "الطب النبوي": "قلت الصرع صرعان: صرع من الأرواح الخبيثة الأرضية، وصرع من الأخلاط الرديئة، والثاني هو الذي يتكلم فيه الأطباء في سببه وعلاجه. وأما صرع الأرواح فأئمتهم وعقلاؤهم يعترفون به ولا يدفعونه، ويعترفون بأن علاجه مقابلة الأرواح الشريفة الخيرة العلوية لتلك الأرواح الشريرة الخبيثة، فتدفع آثارها وتعارض أفعالها وتبطلها".

ومن الأدلة التاريخية على وجود الجن المسلم ما ذكره الذهبي في "سير أعلام النبلاء" في ترجمة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: أنها قتلت جاناً، فأتيت في منامها: "والله، لقد قتلت مسلماً". قالت: "لو كان مسلماً، لم يدخل على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم". فقيل: "أوكان يدخل عليك إلا وعليك ثيابك؟" فأصبحت فزعة، فأمرت باثني عشر ألف درهم، فجعلتها في سبيل الله. وفي رواية: "فأتيت في منامها، فقيل لها: أقتلت فلاناً، وقد شهد بدراً، وكان لا يطلع عليك، لا حاسراً ولا متجردة، إلا أنه كان يسمع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم؟"

مع العلم أنه لا تجوز الاستعانة بالجن المسلم لأنها من قبيل الاستغاثة بالغائبين والأموات، وقد يحصل معها تضليل وتلبيس من الشيطان لعامة الناس.