
هناك مثلث أساسي يجب على كل مهتم بعلم الرقية أن يحفظه في ذهنه ويدرك أهميته العميقة وأضلاعه الثلاثة هي:
الشيطان - المعادن الثقيلة والسموم - الطفيليات والديدان.
هذه العناصر الثلاثة ليست مجرد ظواهر منفصلة، بل هي مترابطة ارتباطًا وثيقًا جدًا، بحيث يمكن أن يؤدي فهم هذه العلاقة إلى تغيير جذري في الطرق التي نتبعها لعلاج حالات المس الشيطاني والسحر، بل وحتى الأمراض العضوية التي قد تنشأ عن تأثيراتهما. في هذه المقالة المفصلة، سنأخذكم في رحلة عميقة لاستكشاف هذا الموضوع، حيث سنتناول كيف يستخدم الشيطان الطفيليات كأداة فعّالة لإيذاء البشر، وكيف يمكن أن تكون مكافحة هذه الكائنات الحية مفتاحًا حاسمًا لتحقيق الشفاء. سنستند في ذلك إلى نصوص الوحي من القرآن الكريم والسنة النبوية، بالإضافة إلى المشاهدات العملية من التجارب العلاجية، وأحدث الأبحاث العلمية التي تدعم هذا الطرح.
الشيطان والطفيليات: تحالف خفي
الطفيليات كائنات حية تتطفل على كائن آخر (المضيف) لتقتات عليه وتتكاثر داخله، مسببة له أضرارًا جسيمة. تشمل الطفيليات أنواعًا عديدة، منها الظاهرية كالقمل والجرب، والداخلية كالديدان والفيروسات. وتكمن خطورة الطفيليات الداخلية في إفراز فضلاتها السامة داخل الجسم، مما يلحق الضرر بالمضيف.
قدرة الشيطان على تحريض الطفيليات
يشير القرآن الكريم والسنة النبوية إلى وجود علاقة بين الشيطان والطفيليات، وقدرة الشيطان على تحريضها وتسخيرها لإيذاء بني آدم. ففي القرآن الكريم، يقول الله تعالى مخاطبًا إبليس:
{وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ ۚ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا} [الإسراء: 64]
فالآية تدل على إذن الله لإبليس باستخدام كل وسائله لإغواء بني آدم وإيذائهم، و"الاستفزاز" هو الحث على الفعل بسرعة وبدون تفكير، و"الإجلاب" هو جمع كل ما يستطيع من جنود ووسائل للإغواء والإبعاد عن الحق. ومن بين هذه الوسائل، يمكن أن تكون الطفيليات.
وفي السنة النبوية، جاء في ذكر الطاعون قوله صلى الله عليه وسلم:
«وَخْزٌ مِنْ أَعْدَائِكُمْ مِنَ الْجِنِّ، وَهِيَ شَهَادَةُ الْمُسْلِمِ» [رواه الإمام أحمد]
وفي حديث آخر: «أنه بقية رجز أرسل على بني إسرائيل».
وقد فسر ابن القيم رحمه الله هذه العلاقة بقوله: "وهذه الآثار التي أدركوها من أمر الطاعون ليس معهم ما ينفي أن تكون بتوسط الأرواح، فإن تأثير الأرواح في الطبيعة وأمراضها وهلاكها: أمر لا ينكره إلا من هو أجهل الناس بالأرواح وتأثيراتها... "
الهوام وعلاقتها بالشيطان
في دعاء التحصين النبوي المشهور، كان النبي صلى الله عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين رضي الله عنهما بقوله:
«أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ، مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ، وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لَامَّةٍ» [رواه البخاري]
وفي حديث آخر، قال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الْهَوَامَّ مِنَ الْجِنِّ، فَمَنْ رَأَى فِي بَيْتِهِ شَيْئًا فَلْيُحَرِّجْ عَلَيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَإِنْ عَادَ فَلْيَقْتُلْهُ فَإِنَّهُ شَيْطَانٌ» [رواه أبو داود]
هناك غموض في فهمنا لماهية "الهامة"
الهَوامُّ: جَمْعُ هَامَّةٍ، وهي كُلُّ دابَّةٍ ذاتِ سُمٍّ يَقْتُلُ، كالـحَيَّةِ والعَقْرَبِ، وتأْتي بِـمعنى ما يَدِبُّ مِن الـحَيَوانِ على الأَرْضِ وإن لـم يَقْتُلْ، كَالحَشراتِ. وأَصْلُها مِن الـهِمِّ، وهو الدَّبِيبُ، أي: الـمَشْيُ الـخَفِيفُ على الَأرْضِ.
الهَوامُّ على ضَرْبَيْنِ:
1- ضَرْبٌ مِنْها يَخْتَصُّ بِالْأَجْسامِ ويَتَوَلَّدُ فِيها ويَعِيشُ مِنْها مع السَّلامَةِ، كالْقُرادِ في أَجْسامِ الدَّوابِّ، والقَمْلِ في أَجْسامِ بَنِي آدَمَ. وفي الطب الحديث هي الطفيليات والديدان والبكتريا والفيروسات
2- ضَرْبٌ لا يَخْتَصُّ بذلك، كالنَّمْلِ والذَّرِّ والدُّودِ والبَراغِيثِ، والبَعُوضِ، والذُّبابِ، والبَقِّ.
لقد وجد إبليس في الطفيليات خير شريك لتحقيق أهدافه الخبيثة ضد بني آدم، وذلك لقدرة الطفيليات الفتاكة على إهلاك البشر بالأمراض والطواعين، وقدرتها الخارقة على تغيير سلوك المضيف والتحكم في عقله وإرادته.
فالطفيليات قادرة على تغيير كيمياء المخ، والتلاعب بالناقلات العصبية، وتغيير استجابة الجهاز المناعي، مما يؤدي إلى انحراف السلوك والفطرة، وظهور سلوكيات شاذة كالتحول الجنسي، والسادية، وعبادة الشيطان، وغيرها.
أمثلة من عالم الطفيليات وتأثيرها السلوكي:
• فيروس داء الكلب (Rabies virus): يغير سلوك المصاب ليتقمص شخصية الكلب، فيصبح عدوانيًا، ويلهث، وينبح، ويميل للعض، ويفقد الخوف من البشر، ويرهب الماء.
• طفيلي توكسوبلازما جوندي (Toxoplasma gondii): يقلل خوف الفئران من القطط، بل يجعلها تنجذب لرائحة بول القطط، لزيادة احتمالية افتراسها من قبل القطط وإكمال دورة حياة الطفيلي. وقد ربطت الدراسات هذا الطفيلي باضطرابات نفسية كالفصام والاكتئاب.
• ديدان شعر الخيل (Horsehair worms): تغير سلوك الصراصير المصابة لتفقد خوفها من الماء وتنتحر بالقفز فيه، لتخرج الدودة وتتكاثر في الماء
الطفيليات والأمراض: خسائر تاريخية وبشرية
لقد تسببت الطفيليات في خسائر بشرية فادحة عبر التاريخ، فاقت خسائر الحروب والمجاعات مجتمعة. ومن الأمثلة على ذلك:
• الطاعون الأسود: 137.5 مليون وفاة تقريبًا.
• الجدري: 400 مليون وفاة تقريبًا.
• الملاريا: تقديرات تتجاوز 2 مليار وفاة.
وغيرها من الأمراض الفيروسية والبكتيرية والطفيلية التي حصدت أرواح مليارات البشر عبر التاريخ.
علامات الإصابة بالطفيليات، خاصة عند المسحورين:
• الوسواس القهري.
• الجز على الأسنان.
• الميل الشديد للسكريات.
• الحكة، خاصة في فتحة الشرج عند الأطفال.
• فقدان الوزن والطاقة مع ظهور أمراض جلدية.
• السرطان.
• تغير السلوك والميول الشاذة.
مضادات الطفيليات: سلاح فعال ضد الشيطان والأمراض الروحية والعضوية
اعتمد الرقاة قديمًا على أعشاب معينة في العلاج، دون إدراك كامل لآلية عملها. والسر يكمن في أن هذه المواد، كالملح الخشن، والشيح، والحلتيت، والفيجل، والكيروسين، والنحاس، هي في الأصل مضادات للطفيليات والديدان.
قصة واقعية تكشف السر:
يذكر رجل أعمال عربي قصة إصابته بهيجان وإغماء عند استنشاق رذاذ زيت النيم المستخدم كمبيد آفات عضوي في مزرعته، ليكتشف لاحقًا أنه مسحور وممسوس، وأن زيت النيم المؤذي للجن هو نفسه القاتل للطفيليات والحشرات.
توجيهات نبوية وقائية ضد الطفيليات:
تحمل الشريعة الإسلامية في طياتها توجيهات وقائية ضمنية ضد الطفيليات والديدان، منها:
• الصوم: وله دور كبير في طرح السموم وقتل الطفيليات
• تحريم لحم الخنزير: لما يحمله من سموم وطفيليات لا يتخلص منها الجسم بكفاءة.
• استعمال المسواك: فشجرة الأراك والنيم المستخدمة في صناعة المسواك تحتوي على مواد مضادة للطفيليات، واستعمال المسواك سنة نبوية متكررة في اليوم والليلة. وقد أثبتت الدراسات فعالية مركبات النيم في تثبيط طفيليات الملاريا والليشمانيا. قال صلى الله عليه وسلم: «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي - أَوْ عَلَى النَّاسِ - لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ صَلَاةٍ» [متفق عليه].
• النهي عن الأكل والشرب واقفًا وباليد اليسرى: لما في ذلك من مخالفة الهدي النبوي، ولما يسببه الأكل واقفًا من خلل في الهضم يقوي الطفيليات.
• إنضاج الطعام وكراهية اللحم النيء: لتجنب نمو وتكاثر الطفيليات والديدان التي قد تنشأ عن تناول اللحوم غير المطبوخة جيدًا.
فعالية مضادات الطفيليات في علاج السرطان والأمراض المستعصية
تظهر فعالية كبيرة لمضادات الطفيليات في علاج السرطان والأمراض الروحية التي يعجز عنها الأطباء. وقد كشفت ضجة إعلامية أثارها الممثل ميل جيبسون والطبيب ويليام ماكيز عن فعالية عقار "إيفرمكتين" المضاد للطفيليات في علاج السرطان والعديد من الأمراض الأخرى.
السرطان ليس ورمًا بل آلية دفاع:
خلافًا للمفهوم الشائع، يرى بعض الباحثين كالطبيب أندرياس موريتز وهولدا كلارك أن السرطان ليس مجرد انقسام عشوائي للخلايا، بل هو آلية دفاع طبيعية يقوم بها الجسم لتجميع السموم وعزلها في مناطق محددة (الأورام) لحماية الأعضاء الحيوية من التلف السريع. وترى هولدا كلارك أن الطفيليات والديدان وبيوضها والمعادن الثقيلة هي السبب الجذري للسرطان، وقد نجحت في علاج آلاف الحالات باستخدام مضادات الطفيليات.
عقار إيفرمكتين: أمل جديد في العلاج
عقار إيفرمكتين، وهو مضاد للطفيليات، يظهر فعالية واعدة في علاج السرطان والأمراض الأخرى، ويعتبره البعض مفتاحًا لعلاج كثير من الأمراض المستعصية.
لماذا التعتيم على هذه العلاجات؟
تكمن الإجابة في المصالح المادية الهائلة التي تجنيها شركات الأدوية من العلاجات التقليدية المكلفة للسرطان كالعلاج الكيماوي والإشعاعي، والتي تدر مليارات الدولارات سنويًا. فالعلاجات المضادة للطفيليات رخيصة ومتاحة، ولا تحقق نفس الأرباح، مما يفسر التعتيم الإعلامي والتجاهل العلمي لها.
خلاصة:
إن فهم العلاقة بين الشيطان والطفيليات والمعادن الثقيلة يفتح آفاقًا جديدة في فهم الأمراض وعلاجها، خاصة الأمراض الروحية والعضوية المستعصية. والتركيز على مضادات الطفيليات قد يكون مفتاحًا لعلاج كثير من هذه الأمراض، وتطوير مناهج علاجية جديدة وفعالة.